الإقامة في الشعر ..” معالي ” الشاعر محمد الأشعري في أسفي

178

لدي صعوبة في الخروج من الطفولة …

كلما كبرت ..كلما بقيت مسجونا فيها ..

وعندما ألتقي الأطفال ..يصبح من المستحيل الخروج منها …………..

محمد دهنون

هكذا أزاح  الشاعر المغربي والروائي الرصين محمد الاشعري أولى الستر عن مخبوءات قلبه .. باب لم يفتحه لأي كان …لكن ولأن أهل أسفي استضافوه مع فلذاتهم …كان لابد من البوح ..فالتوجه  لشلة الاطفال الملتئمة حوله , تقتضي الصدق والبساطة والهدوء …هي الأمور المتوفرة في الذي جرب الوزارة والسجن والصحافة والسياسة  ..قال بصوته الخفيض وهو ينثر جماله الداخلي على صغار مدرسة “إدوارد ماني”  ..جملة عميقة ….الكبار في أمس الحاجة لنصائح الصغار ………لعل الاشعري بعين العقل الذي  لازمته طويلا وظل  ينقد فيها المجتمع السياسي بلغة باذخة ..هو ذلك الرجل الذي أنصت للمحاولات الأولى لفتية ..حاولوا القبض على الكلمة …

القصيدة  “يقترفها” الشجعان يا عبد الرحيم …ياخصار ..فالشعر والقص والحكي بدونك لا يستقيم في أسفي …كثر علينا الكتبنجية والمتشاعرون وحاطبو ليل الكلمة …بعض أصحاب المطابع يستحقون رقابة من البوليس السياسي لسنوات الرصاص …والله يا عبد الرحيم .. الرداءة والبشاعة عندما تصل للأدب والثقافة …إقرأ على الذوق العام السلام …..مجرد استطراد ….أيها الساخر من الحياة ..قل لهؤلاء الأدعياء أن يغادرونا …شخصيا لا أثق في مقولة الأدب الجيد يطرد الأدب السيئ…لقد حدث العكس ..استطراد ثان ضروري …

“أبوفارس”…. خرج فرحا من لقاء تلاميذ المدرسة …فقط كان الزين يلح على المغادرة ويستعجل الجميع على الذهاب لحفل الافتتاح …”فالرسميون لايجب تركهم لغرفة الانتظار” ..لم يعرف هذا الشاب أننا  لم نكن نكترث لحضور الرسميين عندما كان الشعر شعرا قبل وصول الأفاكين و”انتهازيو” المرحلة …..

الشعر لايكتب للعامة ..ولايقرأ على من اتفق ………..

من الصور الجميلة التي ميزت اللقاء ..لوحة  فنية  رسمها الاطفال …لقد قرروا أن يغنوا على إيقاع موسيقى يموزن عتباتها المايسترو العميق عبد الحق الوردي ..غنوا وعزفوا للضيف الوازن ولشاعرات إسبانيا ..في تماه وانفتاح على ثقافة المتوسطي التي فيها كل المشترك الثقافي والتاريخي ..التثاقف ضرورة إنسانية للشعوب ..

في قاعة الفنون..

من يكون محمد الاشعري ..يسأل طفل في قاعة الفنون التي احتضنت مهرجان ربيع الشعر في دورته الثالثة ..يرد أبوه الذي يصطحبه لأمسية الشعر …”ستعرف بعد قليل …”

في المسرح وعلى ركحه يمتشق شاعر جزولة وأسفي عبد الرحيم الخصار مرافعته ويمضي  بكل دربة وخفة روح …ينسل بين الفقرات ,يرمي الحضور برسائل ووقائع شعرية بعيدا عن الغارات وصعاليك المرحلة …...الشعر يا صديقي لا يكتبه “الحقراء”

 بل الشعراء ….

صعد محمد الاشعري الرجل المكرم بهذه الاقامة غير “المفروضة” في فيافي الشعر ليلقي كلمته وشيئا من قصائده ,مدافن الروح والقرد والظلام وطعام الأم..وطفولة الروح التي تكاد لاتغادر المرء …ظل الاشعري وفيا للشاعر فيه ,قذف بالمعاني التي تحتاج لشيفرة ذكية وملمة لفهم ماورائيات النص …كم من ناقد في حاجة لمن ينقذه …. ينقده ..معذرة  خطأ في الرقن ..؟؟

إدريس الملياني حكى باقتضاب عن صديقه ورئيسه في اتحاد كتاب المغرب قبل دخول “بشمركة” الثقافة إليه..ناول الحضور ذكريات مشتركة بين الرجلين تراوحت بين الأسرار الشخصية وحياة السفر , لكن الملياني لم ينس كوبا كاسترو ومؤتمر القارات الثلاث ببنبركته ….ثمة تمثال هناك في هافانا للمهدي بنبركة ,يتابع الملياني بشعره الأشيب المبعثر من تحت البيرية وعلى أكتاف القصيدة التي ظل يحملها إدريس طويلا ..

تجارب شعرية إسبانية سمع صوتها في أسفي ..للشاعرة تيريزا راموس بنقل شاعري مضبوط للشاعر محمد العربي غجو  السابر لثقافة شبه الجزيرة الإيبيرية بكل الاناقة الفكرية المطلوبة ..

على العموم ..الشعر في أسفي بخير مادام الخصار في قمرة و قيادة السفينة ..لكن يحدث  في كثير من اللقاءات أن يفسد أحدهم بكل الشقشقة اللغوية ماتعب الناس في تنظيمه وبنائه ..الميكروفون عندما يودع في يد مرتعشة ..تصبح الكلمة الرصينة في خبر كان.

ختانه شعر...

في سياقه ..الشعر في أسفي ضرورة ثقافية ,كان هذا الامر متاحا على الدوام ..الطبيعة والمنطقة والتاريخ  يشجعون على قول “الكلام ” سواء منثورا أو مسجوعا ..,وفي كل وقت تخرج أصوات تكتب لكنها لاتنشر ..وأصوات أخرى ترطن لكنها تنشر ...هكذا كانت وستظل الشعرية الآسفية التي راكمت طويلا  ..تمردت ,ثارت ,لكنها عادت لمواضعات المدرسة الوطنية , من بين ثنايا هذا النقاش أصر مبدعو منتدى رع للثقافة والابداع على مواصلة مغامرة مهرجان ربيع الشعر …رغم كل المطبات الذاتية .

 

تحميل مواضيع أخرى ذات صلة
تحميل المزيد في ثقافة وفن
التعليقات مغلقة.

شاهد أيضاً

أسفي..أسرة الأمن الوطني تحتفي بالذكرى 69 لتأسيس المديرية العامة للأمن الوطني

خلدت أسرة الأمن الوطني، اليوم الجمعة بآسفي، الذكرى التاسعة والستين لتأسيس المديرية العامة …