آسفي…حين نزل الماء أعلى من الوعي

167

بقلم سعيد ودغيرى حسنى

لم تهطل السماء
بل انفتح الجرح

لم يكن مطرا
كان ذاكرة قديمة
تعود لتطالب بحقها

آسفي
الواقفة بين بحر لا ينام
وأرض تعرف مجاريها
مدينة لم تتعلم أن الماء لا ينسى
وأن الأودية إذا خنقت
تعود صارخة

نزل السيل
فلم يسأل عن الأسماء
ولا عن الانتماءات
دخل البيوت كما يدخل القدر
وترك الأسئلة معلقة في الجدران

هنا
الجغرافيا ليست بريئة
المدينة منحدر
والبحر قريب
والأودية تعرف طريقها
لكن الإنسان قرر أن ينسى
أن يبني فوق الذاكرة
وأن يسمي ذلك تنمية

من المسؤول
ليس الغيم
ولا الليل
ولا الشتاء
المسؤول هو
من جعل الخطر ملفا مؤجلا
والحياة رقما قابلا للتفاوض

الاستباق
ليس كلمة في تقرير
هو أن تُنقذ قبل أن تبكي
أن تنظف قبل أن تغرق
أن تحترم الأرض
قبل أن تعاقبك

أين المنتخبون
حين كانت المصارف تختنق
حين كان التعمير أعمى
حين كانت التحذيرات تمر بلا أثر
ظهروا بعد السيل
يحملون الكلمات
والكلمات لا تجفف البيوت

المنتخب
ليس زائرا بعد الكارثة
هو حارس قبلها
هو عين المدينة
لا مرآتها المكسورة

آسفي
ليست رقما في نشرة
ولا صورة في خبر عاجل
هي تاريخ من الملح
وميناء
وأرواح عاشت على الحافة
وتستحق أن تُدار بعقل لا برد فعل

ما جرى ليس نهاية
بل إنذار أخير
إما أن نعيد للمدينة احترامها
أو نتركها
تتعلم القسوة وحدها

الماء انسحب
لكن الوجع بقي
ويوم الرابع عشر من دجنبر
لن ينسى

رحم الله من رحلوا
خفافا كما الدعاء
ثقيلين في الذاكرة

وشفاء لمن
ما زالوا يفاوضون الألم
على أسِرّة المستشفى

أما المدينة
فتنتظر
أن نكون
أعلى من الماء
وأعلى من الغفلة

تحميل مواضيع أخرى ذات صلة
تحميل المزيد في أبرز المواضيع
التعليقات مغلقة.

شاهد أيضاً

السيول والكوارث الطبيعية بمدينة آسفي..دراسة تاريخية تحليلية في ضوء فاجعة سنة 2025

بقلم سعيد الجدياني | إعلامي مهتم بتراث أسفي عرفت مدينة آسفي، عبر تاريخها الطويل، تكرارًا م…