ندوة قانون المسطرة الجنائية في أسفي ..

160

طبيح ..نحن إزاء انتقال تشريعي مؤسسي لتدبير الحريات..

الملاطي ..السياسة الجنائية كانت مختفية في المصلحة العامة..

الزياني ..الابتعاد عن التجاوزات التي تجهض مفهوم العدالة

.. محمد دهنون

نظمت هيئة المحامين في أسفي ندوة علمية نهاية الأسبوع الفائت  حول مشروع قانون المسطرة الجنائية استدعت لها متخصصين ورجال قانون لوضع قراءاتهم المتقاطعة حول مشروع المسطرة المذكورة والسياسة الجنائية للبلد ..ندوة أدارها بسلاسة العارف.. النقيب عبد الحق برايس .

نبه عبد الكبير طبيح إلى الأهمية القصوى التي يكتسيها قانون المسطرة الجنائية الذي ما يزال في طور النقاش التشريعي ، مشروع قانون يوضح السياسة الجنائية ومن يشرف عليها ..وهذا ما كان غائبا في العقود الماضية ..حيث أن السياسة الجنائية التي تعتبر آلية تدبر بها الدولة العنف المشروع ظلت في مغرب الصراع السياسي وسنوات الرصاص تتقاذفها أجهزة وأشخاص .. بعيدا عن تحديد المسؤوليات وترتيب الجزاءات.

طبيح الذي كان يتكلم في الندوة العلمية  التي نظمتها هيئة المحامين في أسفي قال في مفتتح كلامه إن دور المحامي ظل خارج النقاش الوطني سواء في الوثيقة الدستورية أو النموذج التنموي وحتى مدونة الأسرة لم نسمع صوتا للمحاماة ..وهذا أمر لايستقيم ..فالانخراط في النقاش العام وسيلة  للقيام بدوره تجاه المجتمع ..المحامي مهمته ليس الذهاب للمحكمة  وإنجاز ومتابعة المساطر وفقط ..

عضو مكتب جمعية هيئات المحامين في المغرب أكد على الأهمية القصوى لقانون المسطرة الجنائية الذي يناقش الآن فيه أشياء إيجابية وأخرى تحتاج للتجويد وثالثة سلبية ..فقانون المسطرة المدنية يتابع الضليع طبيح ينظم قواعد العلاقة بين متخاصمين لديهم مصلحة ، في حين مشروع الجنائية هو الذي يعطي الشرعية للعنف الذي تمارسه الدولة ..ومن هنا تأتي أهميته ومفصليته وخطورته ……

لقد كنا لا نعرف الجهة التي تضع السياسة الجنائية في المغرب ، هذا المشروع اليوم على الأقل سيقول لنا ، أن السياسة الجنائية  سياسة عمومية تنتجها جهتان ..الدولة والحكومة .

القانوني عبد الكبير طبيح أشار أيضا في معرض حديثه على الدخول والخروج من المسطرة الجنائية لوزير العدل وعودته في هذا المشروع بما يجعل السلط  المرتبطة بمهنة القضاء مثار شك ونقاش حول مفهوم الاستقلالية ومدى توغل السلطة التنفيذية  في النصوص والتشريع الحالي .

نحن إزاء عملية انتقال تشريعي مؤسسي لتدبير الحريات الجماعية والفردية مع تحديد المسؤوليات ، تفكيك المنظومة بكاملها سيكون لها أثر كبير على وضعية الحريات ..ينهي طبيح .

هشام الملاطي مدير الشؤون الجنائية والعفو ورصد الجريمة الذي كان حاضرا كصوت الوزارة في هذا اللقاء العلمي ، أكد على أهمية القانون المطروح للنقاش  في بعده السياسي والحقوقي والأمني وكذا البعد الدولي فيما يمس سيادة الدولة ..ستة عشر سنة والقانون يراوح مكانه من النقاش وسط تعاقب حكومات ،ما يضع الأمر في خانة  هدر الزمن التشريعي  ينبه الملاطي في شبه عتاب رسمي للفاعل السياسي والمدبر الحكومي .

محددات كثيرة تحكمت في صناعة المشروع ..المحدد الأمني المرتبط بتحقيق الاستقرار الأمني وفيه المعادلة الصعبة في التنزيل بين الحقوق وتدبير الأمن مع بروز تشتت المنظومة بين مؤسسات وإدارات .

الملاطي قال إن الجريمة في المغرب ليست في انخفاض وليست في استقرار ، خمسة مليون قضية معروضة على المحاكم سنويا فيها 2 مليون قضية زجرية ، يعرض أمام النيابة العامة 600 ألف شخص ، يحال على الحراسة النظرية 440 ألف (الاعتقال الاحتياطي) وهذا يصعد بسؤال النجاعة القضائية أمام هذا التضخم والبطء في المعالجة ..هنالك من يقول إن المشروع أغرق بتدابير أمنية ، لدينا 90 اتفاقية جنائية ( الاختراق، فرق البحث المشتركة ، اعتراض الاتصالات ، تقنيات البحث الخاصة )، مستوى التعاون القضائي الدولي يفرض وضع تدابير ..إن من يصنع القانون يكون محاطا بإكراهات الواقع  .مدير الشؤون الجنائية طرح أسئلة هادئة ..السياسة الجنائية كانت مختفية في المصلحة العامة . والمصلحة العامة كما تقرأها السلطة التنفيذية ..بعد استقلالية النيابة العامة لم نعد نعرف من سيضع السياسة الجنائية التي هي شيء مشروع يجب أن يطبق في إطار القانون ..السياسة الجنائية هل هي عامة أم عمومية ..السياسة العامة يتداول فيها المجلس الوزاري  والسياسة العمومية يتداول فيها المجلس الحكومي ..ينهي المسؤول الوزاري كلامه المصاغ في أسئلة .

الحسين الزياني رئيس جمعية هيئات المحامين أكد على أن هذا المشروع هو من أعقد وأخطر ما ستنتجه السلطة التشريعية ،سيقدم لنا صورة على مدى تحقيق التوازن المطلوب بين السلط واحترامه للمبادئ الدستورية ..نحن كمحامين ننطلق من مبادئ كونية تقوم عليها رسالة الدفاع ، غايتنا هي الوصول لنص قانوني وطني يترجم الإرادة الجماعية والقيم و ما وصل إليه المغرب على مستوى الحقوق والحريات لمواكبة التحولات الكبرى ..يجب ألا نترك مجالا للتجاوزات التي تجهض مفهوم العدالة والقانون ما يزال قابلا لتلقي الملاحظات والاستدراكات .

الحسين البكار محام من هيئة الجديدة تكلم عن الاتجاهات التي ظلت تحكم النقاش بين  اتجاه حق الدولة في ملاحقة الجريمة والمجرمين.. واتجاه مدافع عن  التجويد وحقوق الإنسان ..الحقوق والآليات الإجرائية لتحقيق الضمانات بالنسبة للدفاع انطلاقا من التجربة والممارسة .

رضا بوكمازي محام منتم لهيئة أسفي ..أفرد في مداخلته العودة المباشرة لوزير العدل في النصوص القانونية منطلقا من أن موضوع السياسة الجنائية كلما كان سياقه التشريعي مرتبط بنفس سياسي يميل للحرية ..كان المنتوج والنصوص التشريعية متأثرة بذلك .بخلاف النزعة المحافظة الأورتوذكسية في قراءة النصوص .

الندوة تخللها نقاش قانوني  أغنى مفاصلها  العلمية في مدينة تنضح تاريخا وسياسة ونضالا ووثائق تاريخية رأيناها في البرلمان ..يعلنها عبد الكبير طبيح في تحية نضالية من هذا الرجل لمدينة أسفي .

نهاية الندوة عرفت تكريم وجوه كرست واشتغلت على ثنائية الحق والقانون في لفتة تحسب لهيئة المحامين في اسفي ذات التقاليد العريقة والمواقف التاريخية …عودوا إلى التاريخ والذاكرة القريبة…

 

تحميل مواضيع أخرى ذات صلة
تحميل المزيد في أبرز المواضيع
التعليقات مغلقة.

شاهد أيضاً

حصاد الأسبوع بأسفي..9 يوليوز 2025