أولاد الفشوش والمفهوم الجديد للسلطة.. أسفي نموذجا

341

بقلم محمد السعيد مازغ

في كل مرة ينبع كالفطر البَرِّي السّام، أحد أبناء الفشوش الذين يرتكبون الحماقات في الطرقات بسياراتهم الفارهة ،ويقترفون الجرائم البشعة دون وازع ديني ، ولا رادع أخلاقي ، ولا يقظة ضمير. أغلبهم شباب ، ولدوا وفي فمهم ملعقة من ذهب ، كلمتهم هي العليا ، وكلمة ذويهم هي السفلى ، مطالبهم لا تُعٓدّ ولا تٌحْصى ، وميولاتهم للخمر والمخدرات والجنس والتبدير تزداد وتتفاقم ، فهم لا يضربون للمال حساباً. ولا يعترفون بالأزمة المادية ولا بالخصاص، يٌبدٌّرون المال تبذيرا ولا يخشَوْن إنفاق ما يتوفرون عليه من الأوراق النقدية في رمشة عين، تلبية لنزواتهم وغرائزهم ، لأن الحصول على المال بالنسبة لهم لا يتطلب مجهودا ، ولا يحتاج إلى تدخلات و مِظلات ، وعدم وجوده يعني النيران التي تحرق الأخضر واليابس ولا يخمد لهيبها الا إذا أوتي به طوعاً أو كرهاً .. فالغضب الساطع ، والانفعالات المٌبالغ فيها ، والشر المستطير كلها سِمَات مشتركة لذى اولاد الفشوش، وفي حالة شح السيولة، تراهم يلحون وبإصرار على الحصول عليها ولو بالغش والتدليس والسرقة، والتهديد بوضع حد لحياتهم أو حياة الآخرين وغير ذلك من أنواع” الفشوش” المرضية التي تعجل في تلبية الأوامر والطلبيات ، …

أمثلة كثيرة لمشاهد مرعبة يجري ذكرها على كل الألسن ، أبطالها اولاد الفشوش في كثير من المدن المغربية، تخالهم مشاركين في سباق المدن ، في كل مرة يغطي الواحد منهم مساحة الأخبار بجرائمه المثيرة، فمن الصويرة إلى تطوان ، ومن الرباط إلى الدار البيضاء وفاس و أكادير، وربما غدا يأتي الدور على مدينة مغربية أخرى … تكاد الاعتداءات تتشابه في إخراجها : دهس بالسيارة ، قتل عمد أو محاولة قتل ، أو ضرب مبرح ، فرار ، محاولة مغادرة التراب الوطني ، محاولات تحريف مسار العدالة…

كل حادثة بمثابة فيلم سينمائي مطول ، يروي وقائع غريبة عن تهور لا مثيل له ، واستخفاف بالقانون ، اعتداءات بالجملة ، الضحايا بالعشرات ، منهم القتلى الذين أٌزهٍقت أرواحهم في رمشة عين بعجلة سيارة فارهة مجنونة ، ومنهم المصابين بعاهات مستديمة تحث تأثير صدمة متعمدة ، فضلا عن باقي المخلفات خارج مسرح الاحداث من الأطفال اليتامى ، والنساء الأرامل ، والمكلومين الذين تنقلب حياتهم رأسا على عقب ويواجهون لوبيات تستصغر الحدث كيف ما كانت درجة خطورته، و تسخر كل الآليات من أجل طمس القضية وتقبيرها في المهد ، ومحاولة تكييف كل واقعة على أنها حادثة سير عادية من أجل الخروج منها بدون عقوبة سجنية، أو الحصول على أحكام مخففة إن جل الأحكام الصادرة في حق اولاد الفشوش تؤكد أن تلك الضغوطات وما يصاحبها من إشاعات وتهويل إنما هي مجرد فرقعات في الهواء ، وان رئاسة النيابة العامة ، ورئاسة السلطة القضائية تتعامل مع شكايات المواطنين بكل جدية ومسؤولية ، وأن الوكلاء العامين للملك ، ووكلاء الملك والقضاة والأمن والدرك جميعهم واعون بخطر الظاهرة ، وما يترتب عنها من مآسي ومظالم ، والمؤشرات تؤكد أن هناك إرادة سياسية في إصلاح العدالة ، و قطع الطريق عن كل من سولت له نفسه المساس بشرف العدالة وبسمعتها ، عملا بأوامر العاهل المغربي الملك محمد السادس الذي أعلن عن قراره التأسيس لمفهوم جديد لإصلاح العدالة حين قال جلالته : ” وعلى غرار مبادرتنا للمفهوم الجديد للسلطة، الهادف لحسن تدبير الشأن العام، فقد قررنا أن نؤسس لمفهوم جديد لإصلاح العدالة، ألا وهو “القضاء في خدمة المواطن“. الشيء الذي اتضح لي شخصيًا خلال تتبعي لقضية شائكة رفعت فيها القبعة عاليا للسيد الوكيل العام للملك بأسفي ونائبه الأول ، والسادة وكلاء الملك بالصويرة الذين يجسدون بحق مفهوم القضاء في خدمة المواطن ، ويتعاملون على قدم وساق مع المواطنين بما تتطلبه الظرفية من تقديم المساعدة أو الحزم.

تحميل مواضيع أخرى ذات صلة
تحميل المزيد في إلى من يهمه الأمر
التعليقات مغلقة.

شاهد أيضاً

جدل بطنجة حول استنفاذ الأراضي المخصصة للمقابر.. والطلحي يذكر بدراسة سابقة تحل هذا المشكل

بقلم أحمد الطلحي / خبير في البيئة والتنمية تجدد الحديث في مدينة طنجة عن مشكل استنفاذ الأرا…