تدوينات فيسبوكية : حديث عن مرسى أسفي

2,171

تعد مرسى أسفي من أقدم المرافئ والثغور المغربية قبل بنائها على النمط الحديث . فقد عرفت حركة اقتصادية دؤوبة انطلاقا من القرن السادس عشر ، ووصلت أوجها خلال القرن التاسع عشر مع بداية التسرب الأوروبي إلى المغرب . كان مكان المرسى هو ما يسمى لدى الأسفيين حاليا ب(المريسة الصغيرة )، وهي شاطئ صغير تتناوب مكوناته بين صخر ورمل ، كانت المرسى عبارة عن خليج طبيعي منحصر بين صخرتين ، إحداهما شمالية تسمى لدى المحليين (الجرف الأعور ) والأخرى جنوبية وهي التي بنى عليها البرتغال “قصر البحر ” خلال احتلالهم لأسفي في القرن السادس عشر .

466-copie-2

هذا الخليج هو الذي تم استغلاله لتسهيل عملية ورود وصدور السلع و المنتوجات الفلاحية عبر نشاط تجاري دؤوب . كانت هذه العملية تبدأ عندما ترسو السفن التجارية في عرض البحر قبالة الشاطئ تفاديا للإصطدام بالصخور ، وتبقى مهمة شحنها أو إفراغها مسؤولية مجموعة من الرجال الكادحين على متن قوارب بالمجاذيف. يشحنون اكياس الحبوب وسائر السلع على ظهورهم إلى هذه القوارب ، ثم يجذفون تجاه السفينة الراسية في عرض البحر ، وكل قارب له “رايس” لتوجيه هذه العملية وإنجاحها . إذا كان البحر رحيما فإن الأمور تمر في أحسن الظروف ، لكن إذا كانت حركة الأمواج مرتفعة فإن الأمر يتطلب الحذر والتريث . وفي هذه الحالة لا بد من الاستعانة برجل دليل يصعد فوق الجرف الأعور لإعطاء الإذن للقوارب بالدخول وتجاوز الخطر . هذا الرجل /الدليل مهمته حساب الأمواج وحدس الوضعية والوقت المناسب للدخول والخروج من البحر دون خسائر في الأرواح ، وأي خطأ في حساب الأمواج وحدس حركتها يؤدي دائما إلى أوخم العواقب . ولم تقتصر مهمة هذه القوارب على شحن السلع و المنتوجات أو إفراغها بل كانت تقوم بتامين عبور البعثات الديبلوماسية إلى الشاطئ والمتجهة برا إلى مراكش ، وكذلك تأمين عبور أطقم السفن إلى الشاطئ لزيارة المدينة والإقامة بها خلال مدة الافراغ أو الشحن .

مجمل القول : لقد مرت الإنسانية من أتعاب ومشاق جسيمة لتأمين عيشها الكريم ونزعه من أنياب البحر ، وتطورت وسائلها وأساليبها لتصل إلى تذليل سائر الصعوبات البدنية الآنفة الذكر وتجاوز المشاق ، لكنها تواجه الآن أتعابا أخرى أكثر شراسة وفظاعة ** نسأل الله اللطف في القضاء والقدر

ادريس بوطور 

تحميل مواضيع أخرى ذات صلة
تحميل المزيد في ثقافة وفن
التعليقات مغلقة.

شاهد أيضاً

بعد تدوينات استنكارية لرئيس مصلحة الولادة.. هل تفتح وزارة الصحة تحقيقا في مستشفى محمد الخامس بآسفي

أسفي اليوم : عبد الرحيم اكريطي تدوينة ثانية لها اكثر من مغزى تلك التي خرج بها على صفحته ال…